كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الملك الحق يوم القيامة له جل وعلا دون غيره، وأن يوم القيامة كان عسيرًا على الكافرين.
وهذان الأمران المذكوران في هذه الآية الكريمة جاءا موضحين في آيات من كتاب الله أما كون الملك له يوم القيامة، فقد ذكره تعالى في آيات من كتابه كقوله جل وعلا: {مالك يَوْمِ الدين} [الفاتحة: 4] وقوله: {لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} [غافر: 16] وقوله تعالى: {وَلَهُ الملك يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور} [الأنعام: 73] الآية إلى ذلك من الآيات.
وأما كون يوم القيامة عسيرًا على الكافرين، فقد قدمنا الآيات الدالة عليه قريبًا في الكلام على قوله تعالى: {أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا} [الفرقان: 24] الآية.
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}.
من المشهور عند علماء التفسير أن الظالم الذي نزلت فيه هذه الآية، هو عقبة بن أبي معيط، وأن فلانًا الذي أضله عن الذكر أمية بن خلف، أو أخوه أبي بن خلف، وذكر بعضهم أن في قراءة بعض الصحابة. ليتني لم أتخذ أبيًا خليلًا، وهو على تقدير ثبوته من قبيل التفسير، لا القراءة، وعلى كل حال فالعبرة بعموم الألفاظ، لا بخصوص الأسباب، فكل ظالم أطاع خليله في الكفر، حتى مات على ذلك يجري له مثل ما جرى لابن أبي معيط.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآيات الكريمة جاء موضحًا في غيرها. فقوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ} كناية عن شدة الندم والحسرة، لأن النادم ندمًا شديدًا، يعض على يديه، وندم الكافر يوم القيامة وحسرته الذي دلت عليه هذه الآية، جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى في سورة يونس: {وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقسط وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [يونس: 54] الآية. وقوله تعالى في سورة سبأ {وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب وَجَعَلْنَا الأغلال في أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ} [سبأ: 33] الآية: وقوله تعالى: {قَالُواْ ياحسرتنا على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} [الأنعام: 31] الآية. والحسرة أشد الندامة وقوله تعالى: {وَقَالَ الذين اتبعوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ الله أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النار} [البقرة: 167] إلى غير ذلك من الآيات، وما ذكره هنا من أن الكافر يتمنى أن يكون آمن بالرسول في دار الدنيا، واتخذ معه سبيلًا: أي طريقًا إلى الجنة في قوله هنا: {ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلًا} جاء موضحًا في آيات أخر كقوله تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النار يَقُولُونَ ياليتنآ أَطَعْنَا الله وَأَطَعْنَا الرسولا} [الأحزاب: 66] وقوله تعالى: {يَقُولُ ياليتني قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24] وقوله تعالى: {رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] إلى غير ذلك من الآيات.
والسبيل التي يتمنى الكافر أن يتخذها مع الرسول المذكورة في هذه الآية، ذكرت أيضًا في آيات أخر كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة سورة الفرقان {قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزّمّل: 19] و[الإنسان: 29] في المزمل والإنسان، ويقرب من معناه المآب المذكورة في قوله تعالى: {ذَلِكَ اليوم الحق فَمَن شَاءَ اتخذ إلى رَبِّهِ مَآبًا} [النبأ: 39] وما ذكره هنا من أن الكافر ينادي بالويل، ويتمنى أنه لم يتخذ من أضله خليلًا، ذكره في غير هذا الموضع، أما دعاء الكفار بالويل: فقد تقدم في قوله تعالى: {وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُورًا لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُورًا وَاحِدًا وادعوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان: 1314] وأما تمنيهم لعدم طاعة من أضلهم، فقد ذكره أيضًا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {وَقَالَ الذين اتبعوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا}.
[البقرة: 167] فلفظه لو في قوله: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} للتمني، ولذلك نصب الفعل المضارع بعد الفاء في قوله: {فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُم} الآي. وهو دليل واضح على ندمهم على موالاتهم، وطاعتهم في الدنيا، وما ذكره جل وعلا هنا من أن أخلاء الضلال من شياطين الإنس والجن، يضلون أخلاءهم عن الذكر بعد إذ جاءهم ذكره في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202] وقوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [فصلت: 25] الآية وقوله تعالى: {وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الجن قَدِ استكثرتم مِّنَ الإنس} [الأنعام: 128] الآية، وقوله تعالى: {وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا} [الأحزاب: 67] وقوله تعالى: {حتى إِذَا اداركوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النار} [الأعراف: 38] وقوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القول يَقُولُ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} [سبأ: 31] الآيات. إلى غير ذلك من الآيات، وقوله تعالى هنا: {وَكَانَ الشيطان لِلإِنْسَانِ خَذُولًا} الأظهر أنه من كلام الله، وليس من كلام الكافر النادم يوم القيامة، والخذول صيغة مبالغة، والعرب تقول: خذله إذا ترك نصره مع كونه يترقب النصر منه، ومنه قوله تعالى: {وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الذي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 160] وقول الشاعر:
إن المرء ميتًا بانقضاء حياته ** ولكن بأن يبغي عليه فيخذلا

وقول الآخر:
إن الألى وصفوا قومي لهم فبهم ** هذا اعتصم تلق من عاداك مخذولا

ومن الآيات الدالة على أن الشيطان يخذل الإنسان قوله تعالى: {وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظالمين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم: 22] وقوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الفئتان نَكَصَ على عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي برياء مِّنْكُمْ إني أرى مَا لاَ تَرَوْنَ إني أَخَافُ الله والله شَدِيدُ العقاب} [الأنفال: 48] الآية. وقوله تعالى في هذه الآية: {لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذكر} [الفرقان: 29] الأظهر أن الذكر القرآن وقوله: {لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلًا} العرب تطلق لفظه فلان كناية عن العلم: أي لم أتخذ أبيًا أو أمية خليلًا، ويكنون عن علم الأنثى بفلانة ومنه قول عروة ين حزام العذري:
ألا قاتل الله الوشاة وقولهم ** فلانة أضحت خلة لفلان

وقوله: {يَعَضُّ الظالم} [الفرقان: 27] من عضض بكسر العين في الماضي، يعض بفتحها في المضارع على القياس، ومنه قول الحارس بن وعلة الذهلي:
الآن لما أبيض مسربتي ** وعضضت من نابى على جذم

فإن الرواية المشهورة في البيت عضضت بكسر الضاد الأولى وفيها لغة بفتح العين في الماضي، والكسر أشهر، وعض تتعدى بعلى كما في الآية وبيت الحارث بن وعلة، المذكورين وربما عديت بالباء ومنه قول ابن أبي ربيعة:
فقالت وعضت بالبنان فضحتني ** وأنت امرؤ ميسور أمرك أعسر

وهذه الآية الكريمة تدل على أن قرين السوء، قد يدخل قرينه النار والتحذير من قرين السوء مشهور معروف، وقد بين جل وعلا في سورة الصافات: أن رجلًا من أهل الجنة أقسم بالله أن قرينه كاد يرديه أي يهلكه بعذاب النار، ولكن لطف الله به فتداركه برحمته وإنعامه فهداه وأنقذه من النار، وذلك في قوله تعالى: {قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المصدقين} [الصافات: 5152] إلى قوله تعالى: {فاطلع فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الجحيم قَالَ تالله إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ المحضرين} [الصافات: 5557].
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)}.
معنى هذه الآية الكريمة ظاهر، وهو أن نبينا صلى الله عليه وسلم شكا إلى ربه هجر قومه، وهم كفار قريش لهذا القرآن العظيم أي تركهم لتصديقه، والعمل به وهذه شكوى عظيمة، وفيها أعظم تخويف لمن هجر هذا القرآن العظيم، فلم يعمل بما فيه من الحلال والحرام والآداب والمكارم، ولم يعتقد ما فيه من العقائد، ويعتبر بما فيه من الزواجر والقصص والأمثال.
واعلم أن السبكي قال إنه استنبط من هذه الآية الكريمة من سورة الفرقان مسألة أصولية، وهي أن الكف عن الفعل فعل. والمراد بالكف الترك، قال في طبقاته: لقد وقفت على ثلاثة أدلة تدل على أن الكف فعل لم أر أحدًا عثر عليها.
أحدها: قوله تعالى: {وَقَالَ الرسول يارب إِنَّ قَوْمِي اتخذوا هذا القرآن مَهْجُورًا} فإن الأخذ التناول والمهجور المتروك، فصار المعنى تناولوه متروكًا أي: فعلوا تركه. انتهى محل الغرض منه بواسطة نقل صاحب نشر البنود، شرح مراقي السعود في الكلام على قوله:
فكفنا بالنهي مطلوب النبي

قال مقيده عفا الله وغفر له: استنباط السبكي من هذه الآية أن الكف فعل وتفسيره لها بما يدل على ذلك، ولم يظهر لي كل الظهور، ولكن هذا المعنى الذي زعم أن هذه الآية الكريمة دلت عليه، وهو كون الكف فعلًا دلت عليه آيتان كريمتان من سورة المائدة، دلالة واضحة لا لبس فيها، ولا نزاع. فعلى تقدير صحة ما فهمه السبكي من آية الفرقان هذه فإنه قد بينته بإيضاح الآيتان المذكورتان من سورة المائدة. أما الأولى منهما فهي قوله تعالى: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الربانيون والأحبار عَن قَوْلِهِمُ الإثم وَأَكْلِهِمُ السحت لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63] فترك الربانيين والأحبار نهيهم عن قول الإثم وأكل السحت سماه الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة صنعًا في قوله: {لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63]. أي وهو تركهم النهي المذكور، والصنع أخص من مطلق الفعل، فصراحة دلالة هذه الآية الكريمة على أن الترك فعل في غاية الوضوح كما ترى.
وأما الآية الثانية فهي قوله تعالى: {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المائدة: 79] فقد سمى جل وعلا في هذه الآية الكريمة: تركهم التناهي، عن المنكر فعلًا، وأنشأ له الذم بلفظة بئس التي هي فعل جامد لإنشاء الذم في قوله: {لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة: 79] أي وهو تركهم التناهي، عن كل منكر فعلوه، وصراحة دلالة هذه الآية أيضًا على ما ذكر واضحة كما ترى.
وقد دلت أحاديث نبوية على ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» فقد سمى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ترك أذى المسلمين إسلامًا، ومما يدل من كلام العرب على أن الترك فعل قول بعض الصحابة في وقت بنائه صلى الله عليه وسلم لمسجده بالمدينة:
لئن قعدنا والنبي يعمل ** لذاك منا العمل المضلل

فسمى قعودهم عن العمل، وتركهم له عملًا مضللًا، وقد أشار صاحب مراقي السعود إلى أن الكف فعل على المذهب. أي وهو الحق. وبين فروعًا مبينة على ذلك نظمها الشيخ الزقاق في نظمه المسمى بالمنهج المنتخب، وأورد أبيات الزقاق في ذلك وقال: وجلبتها هنا على سبيل التضمين، وهذا النوع يسمى استعانة، وهو تضمين بيت فأكثر بقوله:
فكفنا بالنهي مطلوب النبي ** والكف فعل في صحيح المذهب

له فروع ذكرت في المنهج ** وسردها من بعد ذا البيت يجي

من شرب أو خيط ذكاة فضل ما ** وعمد رسم شهادة وما

عطل ناظر وذو الرهن كذا ** مفرط في العلف فادر المآخذا

وكالتي ردت بعيب وعدم ** وليها وشبهها مما علم

فالأبيات الثلاثة الأخيرة من نظم الشيخ الزقاق المسمى بالمنهج المنتخب، وفيها بعض الفروع المبنية على الخلاف في الكف، هل هو فعل، وهو الحق أو لا، وقول الزقاق في الأول من أبياته من شرب متعلق بقوله قبله:
وهل كمن فعل تارك كمن ** له بنفع قدرة لكن كمن

من شرب إلخ فقوله: من شرب بيان للنفع الكامن في قوله: له بنفع قدره، لكن كمن: أي لكنه ترك النفع مع قدرته عليه، فتركه له كفعله لما حصل بسبب تركه من الضرر على القول بأن الترك فعل يضمن ديته، وعلى أنه ليس بفعل، فلا ضمان عليه، وفضل الطعام كفضل الشراب في ذلك، وقوله: أو خيط يعني أن من منع خيطًا عنده ممن شق بطنه، أو كانت به جائفة، حتى مات ضمن الدية على القول بأن الترك فعل، وعلى عكسه فلا ضمان، وقوله: ذكاة: يعني أن من مر بصيد لم ينفذ مقتله وأمكنته تذكيته فلم يذكه حتى مات، هل يضمنه أو لا على الخلاف المذكور؟